الأربعاء، 27 مايو 2015

الخبز: قصة قصيرة
تاليف: فولفغانغ بورشيرت

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية و النصف صباحاً.. إستيقظت من نومها فجاءة.. تسآلت ما الذي أيقظها؟! إستدركت إن شخصاً ما قد إصطدم بالكرسي في المطبخ، أرخت بسمعها بناحية المطبخ، لقد كان هادئاً.. هادئاً تماماً وعندما مدت يدها لتتحسس السرير بجانبها وجدته فارغاً... إنه هو !! اﻷمر الذي جعل المكان هادئاً بشكل غير معتاد، لقد كان صوت أنفاسه مفقودة. نهضت وخطت من خلال الشقة المظلمة بإتجاه المطبخ.
  تقابلا في المطبخ.                                                                     
لقد كانت الساعة الثانية و النصف صباحاً.. رأت شيئاً أبيضاً يقف بجانب خزانة المطبخ.. أشعلت الضوء
كانا يقفان بمواجهة أحدهما اﻵخر كلاهما بقميص النوم.. ليلاَ عند الثانية و النصف صباحاً في المطبخ.
رأت طبق الخبز على المائدة وقد قطع لنفسه شرائح من الخبز .. لايزال السكين ملقى بجانب الطبق وفتات الخبز ملقى على قماش المائدة.
لقد كانت دائما تقوم بتنظيف قماش المائدة قبل أن يذهبا إلى الفراش كل ليلة.. أما اﻵن هناك فتات الخبز على القماش والسكين أيضاً ملقى. أحست ببرد اﻷرضية يزحف صاعداً إلى جسدها فأشاحت ببصرها عن الطبق.
ـــ "لقد خلتُ إن شيئاً ما هنا"
قالها و هو ينظر حوله في المطبخ..
-”لقد سمعت شيئاً ما"ـــ
قالتها حينها قد بدا لها شخصاً طاعناً في السن ليلاً بقميص النوم ، عجوزاً كما هو في حقيقة الأمر..ثلاثة وستون عاماً، لكنه يبدو شاباً في النهار أحياناً.
هي بدورها قد بدت له طاعنة في السن بقميص النوم. ولكن ربما يكمن السبب في شعرها، بالنسبة للسيدات يكمن اﻷمر دائماً في شعرهن هو ما يجعلهن فجاءة يبدين طاعنات في السن ليلاً.
ــ "كان ينبغي عليكي أن تنتعلي شيئاً بأقدامك الحافية هذه مع هذه اﻷرضية الباردة ستصابين بالبرد"
لم تكن تنظر إليه ﻷنها لاتستطيع أن تحتمله وهو يكذب بعد مرور  تسع وثلاثين عاماً على زواجهما.
 ــ "لقد خلتُ إن شيئاً ما هنا"  قالها وهو ينظر مجدداً من ركن إلى آخر بلا معنى.
ـــ أنا أيضاً سمعت صوتاً ولكنه لاشيئ على اﻷرجح.
رفعت الطبق من المائدة ونفضت فتات الخبز من قماش المائدة.
ــ "أجل! لاشيء على الأرجح"  مردداً ذلك بشكل متردد قليلاً.
قدمت لمساعدته: "هيا لابد إنه شيئاً بالخارج..هيا إلى الفراش ستصاب بالبرد مع هذه اﻷرضية الباردة".
نظر من خلال النافذة.. ـــ" نعم لابد إنه كان بالخارج لقد خلته هنا".
رفعت يدها لمفتاح المصباح.. ــ "يجب على أن أطفيء المصباح و إلا سأنظر إلى الطبق لا أكاد أحتمل النظر إلى الطبق" قالتها وهي تطفيء المصباح.
ــ "هيا .. لابد إنه بالخارج فالمزراب يرتطم دائماً بالجدار عندما تهب الرياح، بالتأكيد المزراب هو سبب هذا الصوت".
ــ "الرياح تهب .. لقد كانت تهب طوال الليل"
قال هو...
خطا كلاهما عبر الرواق المظلم إلى غرفة النوم و اقدامها الحافيتان تحتكان باﻷرضية..
عندما إستلقياعلى السرير قالت: "نعم إنها تهب .. لقد كانت تهب طوال الليل.إنه المزراب على اﻷرجح"
ــ "نعم ، لقد ظننت إنه في المطبخ، لكن إنه المزراب على اﻷرجح" قالها وقد بدا عليه النعاس.
لكنها لاحظت كيف يتغير صوته عندما يكذب.
ــ "أنا أشعر بالبرد فأنا أتقلب في الفراش" قالتها وهي تتثاءب بهدوء.
ـــ"أتصبح على خير"
ـــ"تصبحين على خير" و أضاف: "إن الجو بارد حقاً"
بعد عدة دقائق من السكون سمعت صوته وهو يمضغ بحذر وهدوء..تنفست بهدوء وبشكل منتظم حتى لا يلاحظ إنها ما زالت مستيقظة ولكن مضغه كان منتظماً لدرجة إنها غلب عليها النعاس بسبب ذلك.
عندما عاد إلى البيت في المساء التالي ، دفعت إليه بأربع شرائح من الخبز ،قبلها لم يكن بإمكانه إلتهام سوى ثلاثة شرائح فقط.
ــ"هيا يمكنك أن تأكل اﻷربع شرائح"
قالتها وهي تبتعد عن ضوء المصباح.
ـــ "لايمكنني أكل كل هذا الخبز .. هيا كُل واحدة أضافية"
رأت إنه قد أحني راسه على الطبق ولم يرفعها عندها شعرت باﻷسي إزاءه.
لايمكنك تناول شريحتين فقط" "
قالها وهو يكلم الطبق الذي امامه.
أجل، عندما ياتي المساء لايمكنني هضمه جيداً فكل إذاً

وفما كانت فقط  برهة من الوقت حتى جاءت وجلست على ضوء المائدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق